الدعاء بين فضل الإجابة وشرط الاستجابة
الأحد, 08 سبتمبر 2013 04:41

altalt

يقول الله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي واليومنوا بي لعلهم يرشدون ) هذه الآية الكريمة جاءت في سياق الحديث عن الصوم وأحكامه ، وقد ذكر المفسرون في مناسبة ذلك ، أن الصائم يشتغل في صومه بمجموعة من العبادات والقربات ، وأن من أفضلها عبادة " الدعاء " وخصوصا عند الإفطار ، وقد روي في الحديث أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد ، والحق أن إدراج الدعاء في موضوع الصيام ، أمر يدل على التكامل بين العبادات ، ذلك أن صفائية الصيام ، وما ينتج عنها من أسرار في روح الصائم تدفعه للتعلق بسبيل الدعاء ، باعتباره يعد أسمى وأرقى حالة تعبر عن الخضوع الكلي للخالق سبحانه ، وقد جاءت هذه الآية الكريمة وفي تركيبها البياني ، أسرار ولطائف خليق بمن يشتغل بالقرآن على وجه التدبر أن يقف عندها ، فمن ذلك : 

1ـــ دلالة القرب من خلال الحذف ، وقد تجلى ذلك في حذف كلمة ( قل ) حيث أن العادة جرت في خطاب السؤال في القرآن أن يصدر بكلمة ( قل ) ( وسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ) ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ) ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت الخ ) بيد أن هذه الآية جاء فيها قول الله ( فإني قريب ) فحذف الواسطة إمعانا في القرب ، ويمكن أن يضاف ألى ذلك ما ثبت في بعض القراءات رسما ( الداع ) (دعان ) فكلها دلالات من داخل النص الكريم تومئ إلى معنى قرب الله من عباده .  2ــ مفهوم الإجابة وتحقيق الخيرية ، يقول الله تعالى ( أجيب دعوة الداع ) وقد يفهم البعض من الآية أن الإجابة تعني أن يلبي الله طلب السائل وأن يحقق له ما طلب ، وهذا فهم لا يستقيم مع معنى الإجابة ، فهي تعني أن الله سيسمع دعاءك ، ولكنه سيختار لك ما فيه الخير لك ، وليس بالضرورة أن يحقق لك طلبتك ، وذلك لجهل العبد بأمر الخير ، فلربما طلب أمرا ظاهره فيه الرحمة ، وباطنه من قبله العذاب فإجابة دعائه في هذه الحالة تعني أن يحرم منه رعاية لمصلحته واختيارا للخير له ، ومن ثم قال أهل التربية : عدم إجابته لسؤالك لا دليل فيه على حرمانك .  3ــ دعاء العباد ، وقهر العبيد ، يقول تعالى ( سألك عبادي ) بالألف فالعباد هم الذين سألوا عن الله وليس العبيد ، إذ في التعبير القرآني هنالك فرق بين العباد والعبيد ، فهم بالألف من رضوا بمنهج الله اختيارا ، وهم بالياء من خضعوا لقهر العبودية كباقي الخلق مع امتناعهم عن طاعة الاختيار ، ومن ثم ذكر القرآن أن من يظفر بحرز الرحمان هم العباد ، الذين تشرفوا بالإضافة إلى الله ، ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )  4 ــ الاستجابة شرط في الإجابة ( قال تعالى أجيب دعوة ..... فليستجيبوا ) إذا كان الله يجيب دعاء عبده ، فإنه أيضا قد دعاه إلى ما يحييه ، ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) والاستجابة تعني إقبال العبد الكلي على نداء الله ، وإنما نداؤه أقباله على التكاليف الشرعية ( افعل ولا تفعل ) فمن هذه العلاقة المتبادله تحصل المعية الخاصة والقرب الخاص ، الذي يتولد عن المعرفة ، وإنما تكون المعرفة عن التزام بمنهج ، وخضوع له ، وتعلق كامل بالله ، وحياة بالقلب والروح في ظلال الإيمان الوارفة الناتجة عن الاستجابة لأمر الله .

 

 

التوحيد...

الدعاء بين فضل الإجابة وشرط الاستجابة

السراج TV