 الحمد لله الذى يجزى بالإحسان إحساناً، ويجزى بالصبر نجاة، سبحانك ربَّنا تطاع فتشكر، وتُعصى فتغفر، وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتغفر الذنب، وتقبل التوبة، سبحانك من لطيف ما ألطفك، ورءوف ما أرأفك، بسطت بالخيرات يدك، وعُرفت الهداية من عندك، فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه وخاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد الذى أدبه فأحسن تأديبَه، وزكى أوصافه وأخلاقه ثم اتخذه صفيَّه وحبيبَه، ووفق للاقتداء به من أراد هدايته وتهذيبَه، وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. وبعد؛ فمهما احْلَوْلَكَت الظلمة وغُيِّبت شمس الخير والحق والفضيلة؛ فإنها ستشرق على الدنيا فى يوم يراه المكذبون بعيدا ونراه قريبا، وسيصفو الجو الذى طالما تكدّر، وسيتبدّد الظلم الذى طغى وتجبر، وستعلو راية الإسلام خَفّاقة، وستسقط زعامات الباطل مغلوبة مدحورة، وسيظهر الحق ويزهق الباطل، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا، ولن ينجح الانقلابيون الظلمة فى الاستمرار فى هذا الاستبداد، أو فى جر هذا الشعب المسلم إلى الابتعاد عن جادة الإسلام، ما دامت هذه الجماهير المسلمة تمتلك تلك الطاقات الهائلة من الإيمان والوطنية وقوة العزيمة والإرادة، التى لا يمكن لأحد إخمادها. فلا تَحسبـوا أنَّ الهمـومَ مُقِيمـةٌ رُوَيدًا فإنّ اللهَ بالخـلق أَبْصَرُ ستؤخذ ثـاراتٌ وتُقضَى حوائـجٌ وتبدو إشاراتٌ وتُقْصَمُ أَظهرُ وتُطْمَس من شأن الأعـادى بَوَارِزٌ ويظهر سـرّ الله والله أكـبرُ الاستغفار سبيلنا إلى النصر والتمكين: حتى تبقى عزائم الصادقين متوهجة مستمرة فى طريقها لبلوغ حريتها وعزتها فإنها فى حاجة مستمرة لزاد من الإيمان واليقين، تستمده من صلتها بمصدر القوة والقدرة وهو الله رب العالمين، واليوم نلقى ضوءا على أحد أسباب استمداد تلك القوة، وهو الإكثار والمداومة على الاستغفار، الذى هو اعتراف صريح من العبد بتقصيره وحاجته إلى معونة ربه، وقد ذكر الله لنا حال الربانيين حين تعرضوا للشدة وكيف استنزلوا النصر والفلاح، فقال سبحانه: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِى قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ. وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 146 – 148). يعنى: فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ بِالْعَدُوِّ، وَالسِّيَادَةِ فِى الْأَرْضِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْعِزَّةِ، وَحُسْنِ الْأُحْدُوثَةِ وَشَرَفِ الذِّكْرِ، وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ بِنَيْلِ رِضْوَانِ اللهِ وَقُرْبِهِ، وَالنَّعِيمِ بِدَارِ كَرَامَتِهِ. وهذه رحلة مختصرة مع الاستغفار فى ضوء القرآن والسنة: |